تحقيق – فادية عبود
منهمك في المذاكرة في ظل بصيص ضوء أسفل عمود إنارة في الشارع والظلام الدامس يحيط به من كل اتجاه ، ولأنه صغير الحجم ضئيل البنية يخطو عليه الماشيين وقد تدهسه الأقدام وسط الظلام وقد يأخذ أحدهم العطف عليه ويمنحه جنيهاً أو بضعة جنيهات، فهو واضع بجواره مناديل ورقية للبيع .
تعجبتُ من مثابرة هذا الطفل وإصراره على النجاح والتفوق ، فهو يذاكر ويعمل في آن واحد ، ولكن صديقتي أخبرتني أنها شاهدت بجوار بيتها أكثر من طفل مثله إنها طريقة جديدة للتسول .
أسلوب جديد لأطفال الشوارع
هؤلاء الأطفال ينتشرون في "وسط البلد" أو التحرير ، خصوصاً في الشوارع المخصصة لبيع الملابس النسائية ، وهذا يعبر عن ذكاء التخطيط لأن الجمهور المستهدف من قبل هذه الأطفال أو من يخطط لهم معهم أموال لازمة لشراء احتياجاتهم وبالتالي لن يتأخروا عن مساعدة إنسانية .
اللافت للانتباه أن أحد هؤلاء الأطفال كان يجلس يؤدي عمله بهدوء وإذا فكر أحد في مضايقته يصرخ بأعلى صوته فتظهر أمه لتدافع عنه على الفور، وإذا كنت رقيق القلب قد تبكي عندما تشاهد أحدهم نائماً وهو جالس ممسكاً بالقلم والكتاب !
س.م ( 12 عاماً) أحد بنات الشوارع ، هربت من منزل أهلها بعدما اغتصبها أحد جيرانهم، فقررت الهرب من المنزل قبل أن يفضح أمرها ، وتصف حالها في الشارع قائلة : أسود أيام حياتي هي التي أعيشها في الشارع ، أبيع نفسي مقابل الأكل والمخدرات لزملائي الأولاد وحتى يدافعون عني أيضاً، فأنا لا أستطيع أن أعمل معهم في بيع المناديل في إشارات المرور ولست ماهرة في السرقة أو التسول ، أتمنى أن تنتهي حياتي كلها لأرتاح .
أطفال خارج الحماية
أوضحت دراسة "أطفال خارج إطار الحماية"، التي أصدرها المجلس القومي للطفولة والأمومة بالتعاون مع اليونيسيف، بهدف التعمق في حال أطفال الشوارع في القاهرة الكبرى ، أن هناك تبايناً كبيراً في أنماط التواجد بالشارع . مشيرة إلى أن الشارع محيط اجتماعي يوفر لهم فرص العمل والكسب واللعب والترفيه، ويحقق لهم غريزة حب الاستطلاع.
وأكدت الدراسة أن كل هذه المغريات المتواجدة بالشارع تصاحبها مشكلات ومخاطر يتعرضون لها من مطاردة الشرطة لهم من الشباب كبار السن بالشارع فالعنف سمة من سمات الحياة بالشارع . هذا بالإضافة إلى الممارسات الخطيرة التي ينخرطون فيها من ممارسات جنسية و تعاطي مخدرات وغيرها .
أرقام هامة
* يشير تقرير الهيئة العامة لحماية الطفل إلى أن أعداد أطفال الشوارع وصلت فى عام 1999 إلى 2 مليون طفل، وفي تزايد مستمر.
* تشير إحصائيات الإدارة العامة للدفاع الاجتماعي إلى زيادة حجم الجنح المتصلة بتعرض أطفال الشوارع لانتهاك القانون، حيث كانت أكثر الجنح هي السرقة بنسبة 56%، والتعرض للتشرد بنسبة 16.5%، والتسول بنسبة 13.9%، والعنف بنسبة 5.2%، والجنوح بنسبة 2.9%.
* تؤكد دراسة يمينة أن الفئة العمرية لغالبية أطفال الشوارع ما بين 6- 14 سنة, وتغلب على هذه الظاهرة الصفة الذكورية، حيث تتراوح نسبة الذكور إلى الإناث 70 : 30 %.